"استخدمت السلاح الأبيض في معركتي مع سلمان الجميلي، لكن الحذاء الذي استخدمته كان أسود.. وقد دفعوا لي خمسة ملايين دولار، وارفض أن أبيعه لأنه كان السبب وراء إقرار الموازنة"، السطور السابقة هي فقرات من لقاء أجرته قناة الاتجاه مع النائبة عالية نصيف ضمن برنامج حق الرد.
مبدئيا، أؤمن بحق كل نائب في أن يعبر عن راية ضد أي شيء لا يعجبه، لكن ما يؤلم النفس أن البعض يصل به التضليل والخداع إلى اعتبار "قندرة" عالية نصيف سببا مباشرا في إقرار الموازنة، كما جاء في كلام النائبة وأيضا في حماسة احد ميسوري الحال في محافظة ميسان، الذي عرض مبلغ 10 ملايين دينار لشراء "حذاء" عالية نصيف الذي قذفت به رئيس الكتلة العراقية في البرلمان، حيث صرح المواطن علي احمد لموقع المسلة إن "ضرب النائب سلمان الجميلي بالحذاء قاد إلى إقرار الموازنة"، ودعونا نتساءل إلى أين سيقودنا هذا التضليل؟.. وكم حذاء سنحتاج كي يقر البرلمان مشاريع مهمة معطلة مثل قانون الأحزاب، والمحكمة الاتحادية، ولماذا هذا الغرق في مستنقع الجهل والتخلف؟!.
لعل حكاية "القندرة والسياسة" قصة طويلة ابتدأت منذ أن لوح الرئيس السوفيتي الراحل خروشوف بحذائه الشهير، في قاعة الأمم المتحدة، ثم أصبح الحذاء فنا وسياسة فكادت أميركا ان تخسر الحرب الباردة بسببه، وضربت اميلدا ماركوس رقما قياسيا في اقتناء "القنادر" فتسببت في تعجيل الثورة على زوجها، فيما لا يزال العرب يضحكون على "قبقاب" غوار الطوشي، في الوقت الذي تحترق فيه دمشق والآلاف من ابناءها يدفنون أحياء.
منذ ذلك التاريخ تحول الحذاء عند البعض الى وسيلة انقاذ من واقع متردٍ، حيث أصبح التلويح بالحذاء وقذفه في الهواء عنوانا لمرحلة جديدة تمر بها الشعوب.
وانا استمع لتصريحات النائبة عالية نصيف تصورت أن الامر مجرد نكتة لم تحسن النائبة اختيارها، غير أن الدهشة عقدت لساني حين شاهدت النائبة فرحانة وسعيدة للغاية من الطريقة التي جرت داخل البرلمان، هكذا إذن بهذه الكوميديا الساخرة يحول البعض الازمة السياسية، إلى سيرك فكاهي، الغلبة فيه للذي يستطيع أن يلقي اكثر عدد ممكن من النكات، طبعا مع الاحتفاظ بالسر المدهش الذي كشفته النائبة نصيف والذي يقول إنها رفضت مبلغ الخمسة ملايين دولار لأن قندرتها أغلى حتى من "حذاء فان كوخ" الذي دفع فيلسوفا بحجم هيدجر ان يكتب مقالا عنه، عسى ان نجد احد فلاسفة العملية السياسية يتحفنا بكتاب يضع على غلافه صورة "قندرة" النائبة نصيف، مع التمني ان يكون هذا الكتاب قدوة للأجيال القادمة، ويؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخنا غاب فيها الوعي، والضمير والاهم غابت فيها قواعد السياسة، وربما يكشف لنا هذا الكتاب المؤمل صدوره الحالة النفسية التي يعيشها نوابنا الأفاضل، وهم يخضون سلسلة المواجهات والانتصارات والانجازات التي حققوها داخل قبة البرلمان.
مع قندرة عالية نصيف سنكتشف اننا نعيش اليوم مشهدا طويلا من التراجع والتخلف الحضاري.. نعيش في ظل ساسة ومسؤولين لا يملكون مقاييس بسيطة للكفاءة، لم نشهد معهم سوى تراجع في التعليم والصحة والخدمات والامن، وزمن من الخواء الفظيع الذي اصبح فيه حذاء النائبة عالية نصيف علامة نصر يرفعها البعض في وجه خصومه.
وما دام حذاء النائبة المثابرة عالية نصيف عجل بإقرار الموازنة، فإن "قنادر" أخرى يمكن ان تدخل تاريخ السياسة العراقية المعاصرة، طالما بقيت لغة "القنادر" ملاذا آمنا للجماهير التي ترفض مواجهة الكارثة التي تسببت فيها عالية نصيف وزملاؤها الـ324 داخل نسيج المجتمع العراقي.
وفي الختام اقتبس من كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب بيت شعر لعاشق يوصي به بعد مماته أن يدفن حذاء حبيبته الى جانبه:
إذا مت فادفني حذاء حليلتي.. يخالط عظمي في التراب عظامها
مادام البعض يصر على ان يدفننا احياء مع احذيتنا.
تعليقات الزوار
المدقق
سلمت يداك ايتها النائب عالية نصيف حيث يبدو بان البعض من السياسيين يحتاجون مثل هذه الافعال لكي يتوقفوا عن افعالهم الخاطئة ... لكننا نبحث الان عن شخص اخر يتصرف مثل تصرف النائب عالية نصيف ليرجم بعض الكتاب المتفيقهين بمثل هذا الحذاء هههههههههههههههههههههههههه
عراقي أنا
أحسنت أيها الاستاذ المبدع بوصفك لهؤلاء الجهلة هذا هو مستوى ثقافتهم الحقيقي هل تعلم أن عالية نصيف جاسم تدعى ( أم حسين) كانت معاونة مدير دائرة تسجيل العقاري الكرخ /2 ولاتقبل بتسيير المعاملة الا بوجود الأخضر وكانت ترهب الناس بأساليبها الرعونية وتستفزهم الان
علي حمودي
لقد دخل ابو القاسم الطنبوري التاريخ بواسطة الحذاء وقد يدخل السيد الجميلي التاريخ بالوسيلة نفسها وكماقال ابو الطيب المتنبي( على قدر اهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم)وكل حي يأخذ نصيبه! ومع جل تقديري لكم اعتقد ان الشاعر الاندلسي الذي اقت
shatha
You forget montadhar al-zaidy?
فارس الجامع
المقصود بعبارة حذاء حليلتي هو جوار حليلتي