اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الرأي > بشرى أخرى من المالكي

بشرى أخرى من المالكي

نشر في: 17 يونيو, 2013: 10:01 م

في خطاب آخر لرئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ، سمعناه يقول إننا البلد الوحيد الذي لم يسجن فيه صحفي , واننا لم ولن نعتقل أحداً لمجرد اختلاف في الرأي .. ويترك لنا المالكي أن نفهم ، ما إذا كان الأمر الذي يتحدث عنه يجري في بلد مثل السويد، أو في إمارة يحكمها رجال يتعوذون من الشيطان الرجيم، كلما سمعوا صوتا يخالف عقيدتهم.
منذ عام 2010 والمالكي يحارب، مرة ضد العراقية، وأخرى مع المطلك،وثالثة ضد النجيفي و"أعوانه"ومرة حروب في الموصل، واخرى تجهيز جيش لتحرير كردستان ، مرة ينسج علاقة خاصة مع الحكيم، واخرى علاقة أكثر خصوصية مع الصدريين، مرة شهر عسل مع العيساوي.. ومرات حروب لاتنتهي مع أهالي الأنبار، والخلاصة اننا بلد لايقصى فيه الآخر.. اذن فليست نهاية العالم اذا ما قتل المعتصمون أوالـمتظاهرون.. وهذا خبر سعيد ، طبعا ما هو أقل سعادة، هو ألا تكون نهاية التجارب التي يحملنا إليها المالكي كل يوم ، هي أقامة جمهورية "بعد ما ننطيها".
خطاب رئيس مجلس الوزراء لم يقطع الشك باليقين في موضوع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، ذلك أن السيد المالكي نفى وجود مثل هذه الانتهاكات، لكنه في الوقت نفسه أكد أننا بلد له تقاليد واعراف، ولا علاقة لنا بكائن اسمه "القانون الدولي".. فقد قال بصراحة إن تقاليدنا وقيمنا لاعلاقة لها بتقاليد الآخرين قاصداً – المنظمات الدولية - .
تصريح يثير الاستغراب والدهشة، ويجعلنا نضرب كفاً بكف من قدرة العديد من مسؤولينا على خلط ما هو منطقي، بما ينتج عن الخيال من حكايات وقصص لا علاقة لها بالواقع.، ذلك أن رئيس مجلس الوزراء نفى أن تكون الحكومة ذات علاقة بما يجري من مخالفات في مجال حقوق الإنسان سجلتها ووثقتها منظمات دولية، لكنه يعود ويقول إن قوانيننا وتقاليدنا لاتشبه قوانينهم وتقاليدهم، اذن فما ممنوع في اعرافهم ، مسموح ضمن تقاليد "دولة القانون".
للأسف هذه المرة لم يخبرنا السيد المالكي عن مصير صحفيين، تم اعتقالهم من قبل مسؤولي وزارة الدفاع بحجة سرقة مفكرة الجنرال "مونتغمري"، التي اتضح لنا فيما بعد أنها تحوي خرائط لمعارك مصيرية يخطط لها جنرالات القائد العام للقوات المسلحة، طبعا وزارة حقوق الإنسان لم تصدر بيانا تدين فيه عملية الاختطاف الحكومي، ولم يلوح رئيس مجلس الوزراء بمقاضاة الذين ارتكبوا هذا الفعل المنافي لأبسط حقوق الإنسان.
كان خطيب الثورة الفرنسية "ميرابو" يبتسم حين يسمع خطب الحاكم "روبسبير" قائلا "هذا الرجل مصرّ على أن يقنع الناس بان تصدق ما يقوله.. بينما هو في قرارة نفسه يضحك من جهل الآخرين وحماستهم"، هكذا يقدم لنا ميرابو صورة الحاكم الذي لا يسمع غير صوته.
خطاب رئيس مجلس الوزراء يحمل مفارقة أخرى مدهشة، ففي الوقت الذي يدين فيه انتهاكات لحقوق الإنسان في تظاهرات تركيا. نسي الرجل أن قواته مارست وتمارس أبشع صنوف الإرهاب والقمع ضد متظاهرين في ساحات ومدن العراق.. فمن الغريب والمؤسف أن يصف المالكي التظاهرات العراقية بأنها " إرهابية " وتقودها القاعدة ، فيما يضفي هالة من الوداعة والسماحة على تظاهرات تركيا.. ويستخدم عبارات تضاعف إحساس الناس بالإهانة والإهمال، إذ أفتى بأن ما يحصل في تركيا تظاهرات سلمية، فيما احتجاجات العراقيين يقودها " لصوص وقطاع طرق ".
وإذا كان ضرب المتظاهرين بالهراوات ومحاصرتهم، واعتقال صحفيين للتغطية على إهمال وزير الدفاع، وإشاعة أجواء من الترهيب والتخوين للجميع، لا يمثل كارثة ونكبة في نظر الحكومة، فليقل لنا السيد رئيس مجلس الوزراء ما هي الكارثة إذن؟!
المالكي يخطئ حين يتصور أن الناس لا يعرفون ما يجري حولهم، حين تضعهم الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما السكوت على ما يجري من نهب منظّم لثروات البلاد.. أو تجهيز القوات لمحاربة أي فصيل سياسي لا يريد أن يذهب زاحفا على ركبتيه يستجدي عطف المالكي لكي يعفو عنه.
ليت رئيس مجلس الوزراء يزفّ لنا بشرى ينتظرها جميع المواطنين.. وهي إحالة الوجوه القديمة في ائتلاف دولة القانون إلى التقاعد، فتسريحهم اليوم أنفع وأجدى للمالكي نفسه.. الناس يريدون صفحة جديدة شعارها الكفاءة والتسامح والمحبة واحترام الآخر.. عسى أن يتعظ المالكي بدرس انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابواحمدالعراقي

    للاسف هذا رئيس وزرائنا كلمايخرج علينا يهددالشعب كأنمانحن اغنام ياليته خرج علينا يبشرنا بالكهرباء اوبتحسن الحصةالتموينيةاو انهم عرفوكيف تتسرب اسئلةالبكالوريا او واو واو الى مالانهاية من الاهات خطفواخر حلم لابنائنا ابناء الفقراء يدرسون ويسهرون الليالي ويأتي

ملحق معرض اربيل

قناطر: عن الموسيقى وهاندكه وابن خال ابي

طالب عبد العزيز ربما بسبب الفوضى التي أحبّني فيها أحياناً، أجدني أمْيلَ لسماع ومشاهدة ولقراءة غير ممنهجة، فقد أقرأ مثلاً في عشرة كتب مرة واحدة، أفتح هذا، واغلق ذاك، ثم اعود لورقة كنت قد...
اسم المحرر

العمودالثامن: الكتاب يضيء أيام أربيل

 علي حسين كنت وما زلت أنتمي إلى قوم لا يمكنهم تخيل عالم لم تظهر فيه الكتب، التي سطرها مجموعة من الأحرار علموا البشرية قيمة وأهمية الحياة، لكني بالأمس وأنا أتصفح مواقع الصحف ووكالات...
علي حسين

كلام غير عادي: رائد مهدي الشِفِي

 حيدر المحسن هو ابن خالتي، نشأنا معاً في مدينتنا البعيدة عنّا نحن الاثنين، العمارة، والذكرى التي ما زلتُ احتفظ بها تعود إلى السبعينات. كنّا نلعب كرة القدم في حيّنا، بستان عائشة، وغشّ الفريق...
حيدر المحسن

باليت المدى: الأمل الأخير

 ستار كاووش كان مروري في الشارع الأخضر بمدينتي القديمة كافياً لإعادتي لتلك الأيام البعيدة، فها أنا بعد هذه السنوات الطويلة أقف بمحاذاة المقهى القديمة التي كنتُ أرتادها صحبة أصدقائي. مازالت رابضة في مكانها...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram