TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معادلة الشعب والعسكر بين القاهرة وبغداد

معادلة الشعب والعسكر بين القاهرة وبغداد

نشر في: 6 يوليو, 2013: 10:01 م

أن ترفع من شأن شعب ما، لا يعني أنك تحط من شأن شعب آخر، وما نتحدث به ويتحدث عنه غيرنا بشأن الشعب المصري البطل لا يعني بالضرورة النيل من شعبنا في العراق، إذ أن لكل وجوده وظرفه الخاص وهناك عشرات الموجبات التي جعلت من المصري قويا قادرا على تغيير رئيسين في أقل من عامين، ومثلها من السلبيات التي عجز عنها شعبنا في العراق على تغيير وزير أو إقالة برلماني مع وجود عشرات الأسباب التي تمكنه من ذلك.
(يطلع مكلبج) هي الكلمة التي كررها الضابط المصري لأعوان الرئيس محمد مرسي ساعة اعتقاله بتهمة الاساءة للسلطة وتهم دستورية أخرى بعد إطاحة الجيش به، هل يمكننا أن نتحدث عن لحظة عراقية مماثلة؟ أم أن جيشنا لا علاقة له بمن يسيء استخدام السلطة، وهو غير مسؤول عما يجري في البلاد من تخريب ونهب وتدمير لبناه التحتية والفوقية وقيمه الاجتماعية، لعله صدّق كذبة الدستور الغبيّة، صدّق أنَّ حكومتنا لا تسير بنا إلى المجاهيل المظلمة بعد سنواتنا العشر التي مضت مسربلة بلحمنا المنثور، بدمائنا الطائرة وبخساراتنا الكبيرة؟ نقول ذلك مع يقيننا بأن أيَّ فعل للعسكر إنما يقع خارج الأطر الديمقراطية، وهنا نتحدث بغرابة وتعجب. ترى وهل أتت الديمقراطية لنا بغير المالكي ومرسي؟ أو أهكذا تفعل بنا ديمقراطية العرب المسلمين الشرق اوسطيين؟
عابت الكتل السياسية-الدينية بعد سقوط النظام السابق على الجيش العراقي كونه كان تابعا لحزب البعث وصدام حسين، كذلك كانت أحاديث الشارع الذي ظل يُنشد جيشا وطنيا خالصا للشعب غير مسيس لجهة معينة، آملا استعادة صورته التي كان عليها أيام عبد الكريم قاسم، لكن الكتل السياسية-الدينية وحكومة السيد المالكي بالذات جعلت من الجيش وأجهزة الشرطة والقوات الأمنية كلها منظومة عقائدية لا تختلف كثيرا عن عقائدية الحزب الواحد، وما شهدناه خلال عمليات كثيرة لأجهزتنا الأمنية يؤكد لنا ما نذهب اليه. وهكذا فقدنا آخر احلامنا بالتغيير على يد العسكر الذي تفيدنا التجارب المجاورة في تركيا ومصر على وجه التحديد بأنه (ضمانة الديمقراطية) ونحن نستحضر لحظة الجيش المصري وهو يلاحق الاداء السيئ لحكومة الأخوان ومن ثم يستبدلها ويحْضر أنشطة زعماء الدم والفساد في حكومة الأخوان.
سؤالنا هل أن الذي حدث في مصر يتوازى مع ما حدث ويحدث في العراق، بمعايير الفساد والقتل والتخريب؟ ترى أين الضابط العراقي من ذلك؟ الضابط الذي ظلت صورته نقية عفيفة، رمزا لوطن متماسك قوي على مدى سنوات طويلة قبل ان يحوله صدام حسين إلى تابع له، ولتظل الصورة تلك ملازمة له حتى بعد 2003 مع كل الأسف.
ولكن يحسن ان ننتبه الى ان الجيش المصري لم يكن في وسعه استعادة اللحظة الحقيقية لمصر لولا وجود الشارع القوي الذي رفض حكم الأخوان ولما تمض عليه سنة واحدة، ولأن عمليات تفتيت بنية الشعب العراقي بمعاول الدين والطائفية والمذهبية والحزبية صارت عمودية بعد ما كانت أفقية حسب، بمعنى إن مجتمعنا بات ينشطر طوليّا وعَرَضيّا وعلى يد كل النخب السياسية بلا استثناء، كما أن انشطارات الطائفة الشيعية نفسها لم تتوقف ويمكننا إعادة الحديث عن الكتلة السنية التي لم تعد انشطارتها خافية على أحد، فضلا عن عدم تمكن الكتل العلمانية -الليبرالية من توحيد صفوفها تحت راية معينة، حيث ظلت هي الأخرى بلا مشروع قوي يوحدها.
لن يتحقق المشروع الوطني في العراق بسهولة بوجود الكتل الدينية- الطائفية التي ستظل تنقسم إلى ما لا نهاية، يعزز مشروعها هذا تغليب الحس الطائفي لدى أتباعها على أي شعور وطني خالص. لأنها ستظل تهدد أتباعها باستحواذ أبناء الطائفة الثانية على مقاليد الحكم. ويضاعف يأسنا في تحقيق مشروعنا الوطني هذا ضعف وعدم استقلالية المؤسسة العسكرية والقضائية الأمر الذي يثلج صدور الكتل المسيطرة باستمرار جلوسها على كرسي مشهدنا اليوم.    

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram