زيارة إلى الكويت

طالب عبد العزيز 2014/01/21 09:01:00 م

زيارة إلى الكويت

ودودون ولطفاء وممتازون هم موظفو النقطة الحدودية في منفذ سفوان، لكنك ساعة تقارن المبنى الذين يديرون أعمالهم منه هناك بالمبنى الكويتي الذي لا يبعد طويلا فالمبنى العراقي ساعة تتعطل الكهرباء يبدو كانه من تركات القرن الماضي بحروبه المعروفة على الرغم من حداثة المصاطب التي يجلس عليها المنتظرون من العراقيين أو من الهنود والآسيويين وسواهم من الداخلين والخارجين، ولا تبدو عناية المسافر ومعه الموظف كبيرة بنظافة المكان والطريق المؤدية اليه فالطين ساعة المطر علامة دالة اليه وما مرورك بين الشاحنات الكثيرة ، ومحاولاتك النط تفادياً للوحول إلا لأن المنطقة تفتقد التنظيم مثلما تفتقد لمن يرفع الأطيان ويسهل عمليات الوصول للمكان الواجهة.
أعقاب السكائر وأغلفة البسكولاته في القاعة وأمام مكاتب الموظفين أمر لا يستدعي كثيرا من الجهد لرفعه لكن أحدا ما من كبار الموظفين لم يأمر ويوصي حتى ان اللوحة الصغيرة التي كتب عليها: (خدمة زوار الحسين شرف لنا) فقدت معناها ذلك لأن موجبات الخدمة تقتضي نظافة المكان ، أما وقوع المكاتب بين حشد سيارات الشحن العملاقة فامر يفترض التنبيه.
لكنك ساعة تعبر الحدود إلى الكويت وتترك خلفك سياج شبكة الأسلاك العريضة والممتدة إلى ما لا يحصره البصرة تفاجأ بكمية أكياس النايلون البالية وما تلصقه الرياح بها في مشهد لا يتشابه مع ما تشاهده في الجهة الكويتية ،مع أن المسافة لا تتجاوز الـ 10 أمتار، وحين يقف المسافر في المسافة البرزخية التي تفصل الأرض بين الكويت والعراق يجد أن الشاحنات التي تدخل من الكويت نظيفة الإطارات لكن التي تخرج من العراق تسحب وراءها حبلا ً من وحول واطيان بما يعجل بقولك: نحن شعب متعلق حد اللعنة بترابه وأطيانه ثم انك حين تعبر وتدخل الحدود ستجد مصاطب نظيفة تتنظر عليها آمنا مطمئنا ،تتجلى امامك بناية جديدة نظيفة مصبوغة بالوان الصحراء الجميلة ـ ثياب موظفيها نظيفة والبيرق الوطني يرفرف عليها بريح وطنية خالصة وما ان تستدير بوجهك تجاه ما ظل من وطنك الحبيب ستجد الأمر مختلف تماماً حيث لا يمكنك تمييز المبنى الرسمي للجوازات عن بقية المباني التي تركتها داخل المدينة مثلما لا تتبين بيرقك في سماء وطنك الذي تحب وتأمل ان تراه شامخا لكثرة ما أحيط به من بيارق حتى المركبات التي تدخل وتخرج ، هناك فرق بين السيارة العراقية وقد شوهت بعبارت التمني الآخروي والخشية من العواقب والحث على التفريق فيما تخلو السيارات الكويتية سوى من لوحة التسجيل ومقدار الحمولة .
أما ان يصل الفرق والتمايز حداً يجعل من قولك أن مشهد العتالين بين النقطتين أيضاً مختلف فهذا آخر العيب، معلوم أن مجموعة من العمال الآسيويين هم من يقوم ون على خدمات الشحن والتفريغ في نقطة الحدود الكويتية أسوة بمجموعة تماثلهم في النقطة العراقية ، وفيما يقوم العسكر في الجانب الكويتي بتنظيم عمل وملابس وأحذية العمال هؤلاء نجد الفوضى لدينا متمثلة بالعربات المشوهة التي لا تتشابه والمغمورة بالوحول بعمالها غير المتشابهين في الثياب ولك أن تتصور طريقة التعامل في أجرة التوصيل بين الفريقين ،بين الصمت والهدوء
والتنظيم هناك وبين الفوضى والصخب هنا. حين تدخل نقطة العبدلي الكويتية ستجد المكان مختلفا تماما فصورة الأمير وولي العهد دالة على أن المبنى رسمي جداً، والوطن حاضر في النقطة النائية هنا والموظفون واثقون
بان مهمتهم تتطلب منهم ان يرسموا صورة جميلة لوطنهم، وتأمين الهشاشة والبشاشة للمسافر القادم والخارج قضية من صلب عملهم، وتأمين وتسيير حركة باص النقل الخاص بالمسافرين لا بد منه وهكذا تتشكل الصورة كاملة قبل وصولك للمدينة، وهذا عمل لا يستدعي الكثير من الجهد والمال كما يبدو لكنه يستدعي القليل من الجدية والتأمل في مصير وطن كان علامة فارقة في المنطقة.
حين دخلت الكويت التي دخلتها قبل نحو من 5 سنوات فوجئت بحجم الإعمار والبناء والحركة العمرانية ،حتى قيل لي ان تجربة دبي كانت صفعة للمدينة التي تجاهد ليل نهار لكي تكون دبي مثالاً محفزاً داعياً لها.ولأن مشاركتي كانت ثقافية جداً فهي لحضور مهرجان القرين الثقافي العشرين فقد تمكنت من زيارة مبان تراثية -ثقافية كثيرة، وفي المكتبة الوطنية والمتحف الوطني والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وسواها من المشيدات الفخمة الكبيرة تجعل المواطن الكويتي فخورا بما تنجزه المؤسسات تلك .
لكني كنت حزينا جداً حين دخلت مدرسة "القبلية" حيث تحدث الباحث فرحان عبد الله الفرحان عن اسواق الكويت ،كنت حزيناً لأني لا اجد في البصرة من يمكنه أن يعتني بمدرسة قديمة مثل مدرسة "النجاة" في الزبير ،المدرسة التي درس فيها واحد من ثلاثة أسسوا الحداثة في الشعر العربي ألا وهو محمود البريكان ،لا أجد من يفكر بمآل بيوت الأسر البصرية العريقة ، لا أحد يفكر بانتشال مئات المباني التراثية في العراق في وقت تقف الكويت بكامل عنايتها بما لديها من الآثار التي لا تقدر بحجم ما بما تختزنه مدن العراق القديمة مثل البصرة والكوفة وسامراء وبغداد والموصل وكركوك.

تعليقات الزوار

  • حنا السكران

    كيف تتصور امراءة قذرة باسنان بيضاء نظيفة ,هذا حال كل مداخل العراق مواجهة ستة دول محيطة حتى الفقيرة منها قياسا بالعراق , ذكرتني بعمال النظافة الاجانب في مطار بغداد الدولي بملابس قذرة غير متناسقة ولا موحدة يقضون نصف الوقت في شحاذة غير مباشرة من المواطنين وم

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top