سامي العسكري ونكتة عزة الدوري

علي حسين 2012/11/12 08:00:00 م

سامي العسكري ونكتة عزة الدوري

بعد سيل من الخطابات الهستيرية؟ وأغاني أم المعارك استيقظ النائب سامي العسكري على خبر صحفي مثير، فقد تبين أن قائد الجمع المؤمن عزة الدوري غادر قبل يومين إقليم كردستان، على متن طائرة الخطوط الجوية السعودية التي انطلقت من مطار أربيل بالتحديد.

هكذا يدخلنا فيلسوف دولة القانون في فصل جديد من فصول المهزلة السياسية، ليضفي على الأحداث طابعا ساخرا، فنحن أمام بطل أسطوري -عزة الدوري– يعلنها ثورة حتى النصر المؤزر من اجل توحيد الأمة وتحرير القدس وإرجاع لواء الاسكندرونة وعودة الفرع اسبانيا إلى الأصل العربي طبعا بعد محو أميركا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا ورمي قوات الناتو في البحر وإعلان دولته الكبرى من المحيط إلى الخليج، ولهذا فهو وحسب نظرية العسكري يتجول بحرية، يركب الطائرات ويغادر علنا من المطارات دون أن يرف له جفن، بالتأكيد لم تسنح الفرصة للسيد العسكري أن يحظى بلقاء البطل الأسطوري عزة الدوري ويسأله لماذا هرب من العراق بعد إطلاق أول رصاصة أميركية؟

سيقول البعض إن خطابات العديد من نوابنا هي جزء من الإسفاف السياسي الذي يتحول إلى مسخرة، إلا ان حالة النائب سامي العسكري تبدو أشبه بالمأساة، حين نسمع وننظر كيف يفكر الرجل، وكيف يسعى في كل مرة ان يحول الخطاب السياسي الى نوع جديد من التهريج، لن نجد له مثيلا سوى في خطب ووصايا القائد الضرورة.

منذ ايام واعضاء ائتلاف دولة القانون غاضبون، يشتمون الجميع، وقبل ان تسألهم لماذا تتسترون على السراق، يشغلون ماكينة التخوين والشتائم للجميع، وتجدهم يمارسون فعلا هستيريا تجاه كل من يتجرأ على المساس بالباب "العالي".

السيد العسكري في كل مرة يتوحد مع قائد جديد وتراه يخاف الابتعاد عنه، وتجده يعيش حالة من الوجد مع القائد الى درجة يلغي معها المنطق، وتتحول كل خطبة إلى رد فعل هستيري تجاه كل من يجرؤ على الخروج عن قائده المحبوب، وهو يتوهم أن لديه كاريزما خاصة، وان الناس حين تستمع إليه لا تفكر في ما يقوله وإنما تبصم بالعشرة على صحته وصدقه، فيصبح كلامه عن الدوري علميا، وحكايته عن الانقلاب العسكري لا تحتاج لأدلة وبراهين لإثباتها.

للأسف يتصور سامي العسكري ان الحكايات الخرافية يمكن ان تنقذ ائتلافه من فضيحة الأسلحة الروسية، وتوهم بان تجهيز برنامج له في محطة فضائية والجلوس مبتسما أمام زميلنا نبيل ابراهيم في برنامج بين قوسين ليتحدث عن رؤيته في المنام لعزة الدوري وهو يتبختر في المطار، يمكن أن تصنع منه بطلا تاريخيا يستطيع بحكاياته الخرافية ان يجعل الناستنسى واقعا مأساويا يعيشونه في ظل دولة سامي العسكري ورفاقه الميامين.

في كل المعارك التي خاضها العسكري يخرج خاسرا سياسيا واعلاميا، ومع ذلك لا يريد ان يتعلم الدرس، فقد خاض حربا ضروسا في الدفاع عن تولي نوري المالكي رئاسة الوزراء استنادا الى اتفاقية اربيل التي اعتبرها في ذلك الوقت نصرا سياسيا، ثم ما ان تمكن رئيس الوزراء من المنصب وأصبح العسكري اقرب اليه من حبل الوريد حتى خرج علينا يشتم الاتفاقية ويعتبرها مناقضة للدستور، بعدها واصل الرجل رحلته الميمونة وبإصرار عجيب وغريب في إشعال النار في كل شيء لايمت بصلة الى مكتب رئيس الوزراء.

حديث العسكري يكشف إلى أي مدى يمارس بعض الساسة ألوانا مبتكرة من خداع الذات، والأخطر أنهم يعيشون مرحلة غير مسبوقة من الانفصال عن مشكلات الناس وهمومهم، ومن ثم لا نعرف متى يتحدث هؤلاء بجد ومتى يحولون الجد الى كوميديا؟.

العسكري وبعد اكتشافه مخبأ الدوري، أتحفنا بنكتة اقرب إلى العبث السياسي حين خيّرنا بين طريقين، الأول حكومة أغلبية يرأسها المالكي، والثاني حكومة منتخبة بشرط أن يرأسها المالكي أيضا.

لقد بات واضحا أن الأداء الهزيل والبائس من جانب القوى السياسية يصب في مصلحة اشخاص يريدون ان يحولوا البلاد الى إقطاعية خاصة، وان خطابهم اليومي لم يترك لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار السلطة، يجعلوننا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب والشك، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المستنقع الذي نعيش فيه.

تعليقات الزوار

  • مراقب لما يجري...

    ايلام زمان عندما كان أحد المنتمين إلى أحد الأحزاب الرصينة ذات الهيبة العاليةوالتي سرقت بريقهامجموعات تعتمد أخذ الخيرة في إتخاذ قراراتهالا الواقع أقول حين يتبرأ من معتقده يغادر صفوف ذلك الحزب ولن يعود إليه بقية عمره فإذا حنَ إلى السياسة يختار حركة تقبله..

  • ريبر زيباري

    في البداية اشكر الاستاذ علي حسين لكتابته هذا المقال الذي ادهشني فعلا بشخصية سامي العسكري وكأن الكاتب كان يتابعه في كل لحظات عما يفعل ويقول . الشي الذي اضحكني كثيرا عندما يقول الكاتب بان العسكري راى في منامه عزت الدوري يغادر عن طريق مطار اربيل بطائرة سعودي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top