تأثير الأقران... كقدوة عدائية!

تأثير الأقران... كقدوة عدائية!

يتأثر الطفل بالبيئة التي تقع خارج الأسرة مثل الأقران، كذلك يتأثر بالمدرسة وبوسائل الإعلام، وخصوصا التلفاز.

ومن الواضح أن للأقران تأثيرا قويا في الطفل الناشئ ، وانك لتجد كثيرا من الأطفال في مرحلة (8-14) عاماً يهتمون اهتماما شديدا بمنزلتهم بين أقرانهم إلى درجة اكبر من اهتمامهم بمنزلتهم بين افراد الاسرة .

ويزداد تأثير الاقران ويقوي تأثيره في الطفل بسبب الوقت الذي يقضيه الطفل في المدرسة وفي الأنشطة الأخرى، ويمكن القول ان الاطفال يعيشون في عالمين ، عالم يتألف من الوالدين ومن على شاكلتهم من الكبار الراشدين، وعالم آخر من أقران الطفل.

إن عالم الأقران حضارة فرعية Subalture من نوع خاص ، رغم أن هذه الحضارة الفرعية تتأثر من عدة وجوه بالحضارة الشاملة التي تسود المجتمع . إن كثيرا من الأطفال الأصغر سنا على أهبة الاستعداد والشوق الى ان يقوموا بادوار الاطفال الأكبر سنا ، وهكذا ينتقل معظم ما يكون في سنوات الطفولة من قيم ومبادئ عن طريق الأقران وليس عن طريق الوالدين.

ان التفاعل بين الأقران امر فريد اذ ان الطفل هنا يتعلم كيفية التفاعل مع الأغراب او الرفاق من نفس السن وكيفية التعامل مع من يكبره سنا، وكيفية التصرف مع من يحملون له العداوة او يحاولون السيطرة عليه ، ثم ان الأقران، وخصوصا في الطفولة المتأخرة ، قد يؤدي احدهم للآخر واجب الإرشاد والتوجيه فيعين الطفل على التعامل مع المشكلات الشخصية .

ثم ان لجماعة الأقران تأثيرا هاما ذا دلالة ، ذلك ان ما يسود لدى جماعة الأقران من قيم واتجاهات تعين على تشكيل شخصية الطفل الناشئ . كما أن الأقران يسهمون بصورة مباشرة وغير مباشرة في نمو ونشأة مفهوم الطفل عن ذاته .

خلال السنوات المبكرة من الطفولة المتوسطة . ولنقل من السادسة إلى التاسعة يشترك الأطفال في جماعات غير رسمية وهم يتحدثون عن هذه الجماعة بلفظة الشلة أو الربع ... الخ ، حسب اختلاف اللهجات، كما أن العضوية في الجماعة تتوقف إلى حد كبير على درجة الملازمة ، فلو أن طفلا كان يعيش بعيدا جدا بحيث لا يسهل عليه المشاركة الفعلية تضطر الجماعة إلى التردد في قبول انضمامه لهم ، وستجد في هذه السن وخصوصا بين أطفال الطبقة الوسطى ميلا إلى الانضمام الى المنظمات الرسمية . مثل : نوادي الشباب والفرق الأهلية من النوادي الرياضية او نحوها . بخاصة بين سن العاشرة والرابعة عشرة .

وقد قام كل من ( بوهيم وبرونفيبرجر وهارتلب ) بإجراء التجربة الثالثة على الأطفال لمشاهدة تأثير الاقران فيهم وسجلوا ذلك في كتبهم على التوالي : تطور الاستقلالية لدى الطفل وضغط الأقران بين الاطفال الأمريكيين وتفاعل الأقران والتنظيم الاجتماعي ، وتوصلوا إلى النظرة الاتية : اطفال روسيا ، تشيع في جماعاتهم معايير شبيهة إلى حد كبير بمعايير الراشدين . بينما وجدوا أن الأطفال في الولايات المتحدة وانكلترا يميلون إلى اكتساب أو الالتزام بمعايير وقواعد تختلف عن قواعد الكبار. كما وجد العلماء الثلاثة ان الأطفال الانكليز اشد الأطفال تعرضا لضغوط الأقران بينما كان الاطفال الروس أشدهم مقاومة. ووجدوا ان الأطفال الأمريكيين يتمشون مع اقتراحات الأقران.

التأثير في القيم والاتجاهات

يتأثر الطفل بما يسود بين أقرانه وجماعة رفاقه من قيم واتجاهات ، كما ان اتجاهات الاقران نحو التعليم قد تؤثر تأثيرا شديدا في مشاعر الطفل نحو المدرسة، وكذلك في اهتماماته وأهدافه وطموحه الأكاديمي التعليمي . فلو ان جماعة الاقران كانوا من النوع الذي لا يوقر او لا يقدر الحصول على درجات مرتفعة في الاعمال المدرسية جاز أن ينشأ الطفل وهو لا يجد في نفسه دافعا قويا يدعوه إلى الحصول على درجات عالية في الأعمال المدرسية .

كما أن مفهوم الطفل عن نفسه ، اعني مشاعره العامة الشاملة عن نفسه ، عرضة كذلك للتأثير المباشر وغير المباشر بجماعة الأقران. فالولد الذي تتقبله جماعة الأقران يشعر بالرضا عن نفسه في حين الولد الذي ترفضه الجماعة قد لا يشعر بهذه الدرجة من الرضا عن نفسه، ثم أن جماعة الأقران تستطيع ان تزود الأطفال بمعلومات عن انفسهم ، بعضها واقعي وبعضها مشوه ، ومن شأن هذه المعلومات أن يكون لها أثرها في تكون ونشأة مفهوم الذات . على انه من الطبيعي ان الأطفال قد يكونوا على شيء من القسوة عن قصد او عن غير قصد ، قد يسخر الأطفال من طفل أميل الى الوزن الزائد ، ويجعلونه يخجل من نفسه بسبب السمنة او قد يعيرون طفلا وينعتوه بانه أشبه بالبنات .

وجماعة الأقران هي كذلك مصدر قيم للمقارنة في ما بين الاطفال ولذلك نجدهم يعقدون دائما المقارنات في ما بينهم وبين سائر أعضاء الجماعة. فان وجد الطفل انه يحتل مكانة عالية بالنسبة لأقرانه من حيث الجاذبية والذكاء والشعبية تحسنت فكرته او مفهومه عن ذاته ، وإذا وجد منزلته متدنية تأثر بذلك مفهومه عن ذاته وتدنى .

على أن خصائص شخصيات الأطفال الذين هم اقرب الى أن يلقوا القبول خلال مرحلة الطفولة المتوسطة فهي تتفاوت بتفاوت الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الطفل ، اذا انتمى الى الطبقة المتوسطة فهنا خصائصه ذات القيمة هي أن يكون ودودا، ألوفا ومتعاونا ومعينا مساعدا ، أما الأطفال العدوانيون او الذين لا يطمئن إليهم ولا يوثق بهم وغير متعاونين نجدهم غير محبوبين.

أما في الطبقة الدنيا فسنجد ان الأطفال أميل إلى احترام نوعين من الأقران:

-الصغير العدواني المشاكس الذي اكتسب احترام أقرانه بفضل خشونته وصلابته وعنفه .

- الولد الذي تراه منطلقا اجتماعيا ولكن ليس مفرطا في العدوانية .

والأولاد هنا يميلون إلى كثرة التشكك في "ولوعة المدرس" أي الطفل الذي يكون محبوبا بدرجة زائدة عند المدرس .

اما بنات الطبقة الدنيا فإنهن على خلاف ذلك ، أكثر من نظرائهن الذكور ميلا إلى احترام البنت الودود الأليفة المنظمة المرتبة المهندمة التي تكثر من المذاكرة والدراسة والتي قد لا تتمتع بالشخصية القيادية. لذلك فإن البنت من الطبقة الدنيا شأنها شأن البنت من الطبقة الوسطى، تستطيع ان تجعل من نفسها طالبة مجدة من غير أن تخسر صديقاتها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top