المالكي بالمصري

علي حسين 2014/02/24 09:01:00 م

المالكي  بالمصري

الخامس من شباط عام 2011، رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي يجلس مبتسما أمام مراسل وكالة الصحافة الفرنسية ليملأ الجلسة بالأمنيات الوردية، فكل ما في العراق، ديمقراطية في ديمقراطية، وعلى العالم ان يتعلم من تجربتنا في الحرية والتحرر.
كان السيد المالكي مبتهجا وهو يخوض معركته الكلامية المقدسة ضد حيتان الاستبداد كما وصفهم، في ذلك اليوم قال المالكي بالحرف الواحد: "قراري شخصياً ان لا تكون هناك دورة غير هذه بعد، حتى لو كان الدستور يسمح، لكن اتمنى ان يتغير الدستور بما لا يسمح بأكثر من دورتين"، في ذلك المساء المعطر بالأماني السعيدة قدم المالكي للمسؤولين المصريين درسا في الحكم الرشيد قائلا ان تحقيق "الديمقراطية والشراكة في ان لا يضطهد الشعب او يحرم من حقه في التعبير" وفي درس بليغ عن اساليب الحكم الرشيد شرح لنا السيد المالكي أسباب تخلف الامة العربية وكيف ان حكامها يعشقون الكرسي لا الوطن، مؤكدا ان "احد مظاهر انعدام الديمقراطية هو بقاء الحاكم مدة ثلاثين او اربعين عاما في الحكم".
قبل أشهر معدودات السيد نوري المالكي نفسه يتحول ويشمّر عن ساعده ويعلن حربا شاملة ضد محور الشر المدعوم من الخارج، والذي لا يريد له ولاية ثالثة، وهذا المحور الشرير يعمل مهتديا بأجندة أجنبية تريد الإساءة للمنجزات الكبيرة التي حققها المالكي في الدورتين السابقتين، وسيحقق أضعافها في الدورات اللاحقة، وبالامس وفي لفتة جميلة تجاه هذا الشعب "المبتهج" خرج علينا القيادي في دولة القانون حسن السنيد ليبشرنا ان السيد المالكي حسم أمره و"سيتولى رئاسة الوزراء لولاية ثالثة"، وطمئننا السنيد الى ان "لا وجود لعائق قانوني أو دستوري يمنع من ترشيح المالكي لولاية جديدة".
وقبل أن يفيق القراء من صدمة الانقلاب الدستوري هذا، وقبل أن يضرب الأبرياء أخماسا في أسداس، جاء التفسير من أعضاء في ائتلاف دولة القانون الذين اقسموا باغلظ الايمان ان العراقيين سينامون الأن ملء جفونهم مطمئنين على استقرارهم وأمنهم الوطني.
بالامس كان المالكي يقدم النصح لقادة مصر ويتحدث معلناً أن الديمقراطية العراقية يمكنها ان تكون هاديا ومرشدا للأشقاء في مصر، وأن هناك الكثير من الممكن للقاهرة أن تتعلمه من الخبرة البغدادية في السياسة وطرق الحكم.
وقبل أن أضع مقارنات بين الديمقراطية العراقية الراسخة، وبين ديمقراطية مصر العرجاء، أود أولا أن أشير إلى خبر قد لا يلتفت إليه السيد المالكي، فامس فقط قدم السيد حازم الببلاوي رئيس الحكومة المصرية استقالته قائلا للشعب :"بعد انتهاء المرحلة الأولى من خارطة الطريق ووجود دستور تمت الموافقة عليه، يتضح أن مصر قطعت شوطاً في بناء مجتمع ديمقراطي منفتح يراعي حقوق الإنسان يسعى للتقدم والتنمية وان مصر تحتاج كل المصريين كلا في موقعه وليس الحكومة فقط".
وأنا أقرأ خطاب حازم الببلاوي، وأصغي لتساؤلات البعض حول عجز دولة بحجم العراق عن أن تقدم للمشهد السياسي رجالا على شاكلة الببلاوي او غيره من الأسماء التي يتداولها المواطن المصري البسيط، فيما المراقب للمشهد السياسي العراقي يكتشف أننا دخلنا جميعا في المجهول، والسبب لأن لدينا سياسيين لا يملكون الحد الأدنى من القدرة على ترجمة طموح الناس بدولة ذات مؤسسات قادرة على إدارة البلاد.. اليوم ينظر المواطن العراقي إلى متصدري واجهات المسؤولية والسلطة.. يتمعن في ملامحهم.. إنهم متجهمون.. يعتبرون أنفسهم في مهمة مقدسة، تستحق من الشعب السمع والطاعة.. بينما الكثير منهم في الحقيقة فاشلون.. يعيشون في الخيال الذي يصور لهم أن "التجهم" وتقطيب الوجه والخطابات النارية، هي التي ستحل مشاكل الناس..
للاسف لا يعرف حكامنا ان السياسة ليست الكذب، لكنها الاعتراف بوجود الآخرين، وأحقيتهم في المشاركة، ولهذا فإن كلام السياسي يظل محل مراجعة عكس كلام " المتسلط التي ينزل كلامه من أعلى، معتقدا انه جزء من هيبة الدولة أو قدرتها على خداع المواطنين.

تعليقات الزوار

  • أحمد علي

    إلى من توجه كلامك يا أخي استاذ علي من يؤمن بمبادئ التداول السلمي للسلطة المالكي وحزب الدعوة أثبتوا دكتاتوريتهم وإرتهانقرارهم بإيران والحكم في العراق الآن ثيوقراطي وليس دمقراطيا ً ولا حياة لمن تنادي ولل درك ياعراق من حكم الاحزاب الدينية المقيتة التب أفسدت

  • رمزي الحيدر

    أن العملية السياسية في العراق هي جيدة ويحتاجها العراق لتكوين مستقبله ، ولكن ما يحدث بالعراق هو بعيد كل البعد عن مشهد الدولة الديمقراطية ، كل يوم نشاهد عروض من الفساد الخيالي والخراب المأساوي للعراق ، مشاهد يقوم بها رئيس الحكومة ،مضحكة ،مُبكية ،متهورة وكذ

  • علي الكربلائي

    مصر العظيمة في 1882 م بها دار أوبرا والعراق بعد قرنين لا يفكر في أن تكون به دار أوبرا، مصر العظيمة التي أدخلت رئيسين في أقل من عام للسجن تتعلم من المالكي!!! يا للغرابة مو مال واحد يجره بــ( زيـــــــــــــــج ) كان الله بعوننا

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top