العراق بعد 2003... آمال تبدو بعيدة وأحلام تكاد تضيع

آراء وأفكار 2014/04/14 09:01:00 م

العراق بعد 2003... آمال تبدو بعيدة وأحلام  تكاد تضيع



قد يبدو في العنوان الكثيرمن التشاؤم واليأس، لكنه في كل الأحوال ومن دون تزويق للكلمات مناسب لتوصيف الحال الذي نحن عليه في العراق بعد الاحتلال الأميركي له وما رافق ذلك من وعود جعلتنا مضطرين ان نغض الطرف عن مثلبة ظل الكثير من الأشقاء والجيران  يعيرنا بها برغم انه ليس بأفضل حال منا برغم ما يشوب مفهوم استقلال بلدانهم السياسي والاقتصادي من هنّات سواء بتواجد القواعد الأميركية على أراضي البعض منها او بارتهان ثرواتهم بيد الغير..
كنا كغيرنا من عباد الله نحلم بتغيير كبير في العراق يعيد لنا بعض الأمل بعد نيسان 2003 فما الذي جرى؟ وما هو المنجز المتحقق سياسياً واقتصادياً بعد احد عشر عاماً؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا التراجع الكبير عن الحد الأدنى من تنفيذ الشعارات والبرامج التي كانت تحملها أحزاب المعارضة؟ وهل حقاً لمسنا كمواطنين تغييراً يذكر؟
ربما نجد في حديث وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس مع إذاعة"صوت روسيا"بعض الإجابات وليس جميعها حيث قال (اعتقد ان الحرب على العراق ستبقى مرتبطة بحقيقة أننا لم نعثر على أسلحة الدمار الشامل التي كانت ذريعة للتدخل العسكري ولا يمكننا التهرب من هذه الحقيقة.. وفي الوقت نفسه فان تقييم هذه الحرب مرتبط بالأحداث التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط بعد 10 او15سنة، وقتها سنتبين فيما اذا كانت عملية الإطاحة بصدام حسين قد ساهمت بتوجيه ضربة للأنظمة الشمولية التي تهيمن على المنطقة على مدى عشرات السنين , وفيما اذا ساعدت على توفير فرص جديدة لتطوير الشرق..).
وبغض النظر عن كثير من الملاحظات التي يمكن ان تسجل على تصريحات بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية خاصة ما يتعلق منها باحتلال العراق ومنها تصريحات غيتس , فان الشيء الذي بدا واضحاً ان الحرب شنت في اطار ستراتيجية ما سمي بالفوضى الخلاقة ليس في العراق فحسب بل في معظم دول المنطقة وتنامي دور المجاميع الإرهابية من قاعدة وداعش وغيرها من عصابات الإرهاب التي برزت لإعاقة أي توجه لبناء نموذج ديمقراطي يعتمد دولة المؤسسات المدنية.
في العراق ومنذ الأشهر الأولى للاحتلال الأميركي سعت الإدارة الأميركية لتغليب الطابع المحاصصي بأسوأ أنواعه ممثلاً بصيغة مجلس الحكم الذي كرس المفاهيم الطائفية والأثنية على حساب الهوية الوطنية الجامعة الكفيلة بمنح الكفاءات الوطنية فرصة قيادة البلاد وترسيخ هوية النظام الجديد.وتدريجياً ترسخت مفاهيم الطائفة بفعل ممارسات الأطراف السياسية وسلوكياتها التي وجدت ان هذا الطريق الطائفي هوما يحقق ضالتها للبقاء في مواقع المسؤولية وتوفير المكاسب والامتيازات لطبقة سياسية جديدة أفرزتها مرحلة ما بعد الاحتلال على حساب البناء الديمقراطي الصحيح المفضي للعدالة والمساوة والعيش الكريم لجميع العراقيين من دون تفرقة او تمييز على حساب الدين او المذهب او العرق.
لسنا هنا في معرض جردة حساب لما شهده العراق من سلبيات بعد 2003 فهي باتت معروفة وواضحة برغم ما تحقق من حريات نسبية تمثلت في حق إنشاء الأحزاب و تنوع وسائل الإعلام وتوسع منظمات المجتمع المدني والأكثر من هذا الاستفتاء على دستور دائم على ما فيه من هنّات جعلته موضع خلاف وتأويلات لبنوده ,بقدر ما نحاول هنا ونتطلع الى تشخيص واقع كان يمكن ان يسهم في توفير الكثير من أحلامنا الضائعة بل لانغالي اذا قلنا انه كان سيدفع لخلق حالة جديدة في المنطقة يستحق تمثلها فيما لو تم فعلاً الالتزام بالمبادئ الأولية للديمقراطية والإيمان فعلاً انه من دونها لايمكن ان يتحقق التوزان والعدل في مجتمع متعدد المكونات مثل المجتمع العراقي. وبصراحة فنحن جيل علمتنا تجاربنا ان لانثق بالشعارات البراقة اذا لم يجر تجسيدها والعمل على تطبيقها على ارض الواقع , لذلك ترانا نتخوف كثيراً ونتحسس كثيراً ونحن نشاهد ونلمس يومياً مظاهر الانقلاب على الديمقراطية والابتعاد عن مفاهيم الدولة المدنية وهذا السعي المحموم للشحن الطائفي المراد منه استمرار الأوضاع المتدهورة وإفشال العملية السياسية التي باتت مشلولة باعتراف اطراف العملية السياسية انفسهم. ان أس المشكلات والأزمات التي حالت دون بناء نموذج نرى فيه بعض آمالنا وأحلامنا يكمن في ذلك التراجع عن الديمقراطية وتشويه صورتها حتى كفرت الغالبية العظمى من المواطنين بها بعد كل ما عاشوه من خيبات وانكسارات وعدم توفر بديل في الأفق ينتشلهم مما هم فيه من حرمان وجوع وفقر وفقدان امن مقابل امتيازات و إثراء غير مسبوق لسياسيين ركبوا موجة العمل السياسي بمفاهيمه الجديدة الغريبة عما كانت  تعنيه سابقاً .. لقد أكدت تجارب الدول المتقدمة والمتأخرة معاً انه بغير الديمقراطية لايمكن الادعاء بامكانية بناء دولة مؤسسات تحترم المواطن وتعمل على خدمته.. وبعد كل هذه السنوات التي مرت بنا منذ ما بعد نيسان 2003 وحتى الآن فان غالبية الكتل السياسية أثبتت عدم إيمانها بها وهو ما دعا بعض الناشطين ومنذ شباط 2011 الى المناداة بأهمية التغيير وتصحيح مسارات العملية السياسية من اجل وضع حد لعمليات التخريب السياسي والاقتصادي والاجتماعي على حد سواء , وربما آن الأوان ونحن نقترب من موعد الانتخابات البرلمانية لاختيار من يستطيع فعلاً ان يجعلنا نقترب من أحلامنا وآمالنا قبل ان تضيع نهائياً.. فهل نفعل وننتصر لعراق جديد يكون خيمة لكل المواطنين بعربهم وكردهم وتركمانهم  وغيرهم من المكونات؟ وطن نشعر فيه انه لنا جميعاً من دون تمييز.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top