حول تجديد فكـر حزب الدعوة الإسلامية |(الحلقة الرابعة عشرة)|

آراء وأفكار 2017/02/20 12:01:00 ص

حول تجديد فكـر حزب الدعوة الإسلامية |(الحلقة الرابعة عشرة)|

أمراض العمل السري
العمل الحزبي السرِّي بقدر ما يكون في بعض الاحيان ضرورة او اضطراراً يكون ايضا مصدر مشاكل خطيرة ، لا أقصد هنا المشاكل الأمنية التي يتسببها العمل السري حيث يتهدد منتسبيه بالقتل والاعتقال والتشريد والافقار والنبذ ، بل اقصد مشاكل تخص الجانب او الهيئة او الخلفية البنوية للحزب .
كنت في شبابي قرأت رواية ( الشياطين ) للاديب الروسي الكبير ديستوفسكي ، ولم أفهم منها الكثير ، ولكن حينما عاودت قراءتها فيما بعد ، ادركت خطورة العمل السري ، العمل الحزبي السري ، فكثيرا ما تبدأ الخلية ( الحزبية ) طهورية رسولية تبتلية ، ولكن بمرور الزمن تتحول الى بؤرة نفاق ومزايدة ، وربما نفق مظلم ، مشحون بالشرور والآثام والعدوان ، مهما كانت اديولجيتها رائعة وسامية ، بل قد يُسهم العمل الحزبي السري في تسميم جوهر الاديولجية النظيفة ، الانسانية بمعنى الكلمة .
الخلية الحزبية السرية ربما تتحول الى جملة شكوك ، وحركة مراقبة وخوف وظنون سيئة بأخلص الناس المنتمين الى ذات الاديلوجيا !
العمل الحزبي السري يربي في الأعماق هاجس الشك والحذر بالمحيط الذي يعيشه المنتمي ، لأنه خائف من الانكشاف ، وخائف من الوقوع في شباك المراقبة السلطوية ، وخائف ان يكون محل رفض من عائلته وأصدقائه ، ولذلك يتفنن بالتخفي والإخفاء والتحوير والتزوير ، وهذه السلوكيات حتى ان كان هدفها نبيلاً الّا انها في النتيجة تصوغ شخصية حذرة بالمستوى الذي يقتل في اعماق صاحبها الثقة بالآخر ، لا اقول على الاطلاق، بل بشكل نسبي ، وكم من حالة وحالة تسرّب الشك بعضو في خلية حزبية سرية ، واتخذت بحقه الاجراءات الحزبية الضيقة التي قد تصل الى القتل او العزل ، فيما كان الباعث شكاً بدوياً بسيطاً ، لا أكثر ولا أقل.
في كثير من الاحيان تجتاح ( أفراد ) الخلية الحزبية السرية حمى التنافس على كسب ود مسؤول الخلية ، وفيما يقول بعضهم ان هذا امر طبيعي ، فان النقطة المثيرة هنا ، ان هذه الطبيعة تتصاعد غريزتها بمنسوب عالٍ من الفعل والنشاط المحموم ، وربما يدخل في حلبة هذا التنافس ممارسة التورية والايحاء والاستعارة الخفية واساليب التحايل اللغوي والفكري ، وقد يتطور الى مرض الكذب ( الابيض ) ، ثم الى مرحلة الكذب ( الأسود ) ، وكثيرا ما يبرر ذلك فيما بعد بمصلحة الحزب أو الفكر او العمل ، فيسود الفساد ، وتتحكم قيم التحايل والتآمر في داخل التنظيم .
التنافس على القيادة والريادة والزعامة يشكل خطرا في كثير من الاحيان رغم مشروعيته العقلانية ، وليست الاسباب خافية في إمضاء هذا التصور ، ولكن الاشارة المهمة هنا ، ان مخاطر هذا التنافس على القيادة والزعامة والريادة في اجواء العمل العلني اقل منها حدّة وانحرافاً وضرراً منها في مجال العمل السري ، وحديثي عن العمل الحزبي هنا بطبيعة الحال.
الكسب الحزبي مهمة حزبية اصيلة ، لا شك بذلك ، ولكن قد يتساهل بعض افراد الخلية في كسب المزيد للحزب بدافع خفي ، او دوافع خفية ، بعضها في غاية الخطورة ، وقد يكون بعض هذه الدوافع الظفر بمباركة الحزب ، وتهيئة السبل للارتقاء الحزبي المطرد ، وقد يمني هذا العضو النشط هذا التساهل في الكسب باسباب كثيرة، معظمها غير صالح ولا منطقي ، فيما الضرر الناجم منه كثير الى حدِّ نحر الحزب والقضاء عليه.
والسؤال ....
هل استطاع حزب الدعوة الاسلامية ان يتلافى مثل هذه المخاطر الكبيرة وهو يمارس العمل الحزبي السري ؟
وهل يملك نظرية تنظيمية تحول دونها ؟
 وهل يكفي لذلك ترسيخ الحياة الروحية ، وتمكين الخُلق الاسلامي ؟
 يتبع

تعليقات الزوار

  • بغداد

    الدين الأسلامي لا يوجد فيه نظريات لأنشاء احزاب إسلامية يجب عدم تسيس الدين الأسلامي بهذه الطرق الملتوية ؟ الدين الأسلامي هو دين كامل مكمل فيه قوانين شرائع نزلت أحكامها من اجل نشر العدل بين الناس كافة الناس فهو غير قابل للتجزأة وغير قابل للتحزب الأحزاب الأس

  • أبو أثير بغداد

    كلام من القلب الى القلب نابع من عراقي شريف بارك الله فيه

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top