وصمة سيئة السمعة  للمصابين بفايروس كورونا في العراق

وصمة سيئة السمعة للمصابين بفايروس كورونا في العراق

 متابعة المدى

تكتم عدد ليس بالقليل من المواطنين العراقيين، على إصابتهم بفايروس كورونا المستجد، معتبرين إياه وصمة اجتماعية، وعيب يشوه السمعة في الحي، وبين المعارف، الحال الذي فاقم الإصابات وزاد من أعدادها التي تخطت الألف حتى الآن، لا سيما في العاصمة بغداد.

اختارت عائلات عديدة الاحتفاظ بسر إصابة أفرادها، بفايروس كورونا، دون البوح لأحد حتى وأن كان لمقرب، ومنها من اختارت الحجر المنزلي، وأخرى أتبعت التجاهل والتهاون وتكذيب الواقع الوبائي.

وكالة "سبوتنيك" الروسية سلطت لضوء الواقع الاجتماعي العراقي، في ظل تفشي فايروس كورونا، بنشر تقرير أعدته المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، كشفت فيه عن حدوث وصمة اجتماعية، بين المواطنين المصابين بالوباء، أسمتها "وصمة كورونا الاجتماعية".

 

وأوضحت المفوضية، في تقريرها، أن إحداث فايروس كورونا المستجد – كوفيد 19، وصمة كبيرة، لعوامل عدة، أولها كون الوباء جديد، ولا يزال هناك الكثير من المجهول الذي طالما يخاف الكثير منه، وكذلك من السهل ربط هذا الخوف بالآخرين، مع ارتباك، وخوف، وقلق، بين الجمهور، وهي ما تغذيه الصور النمطية الضارة.

تأثير

وتؤكد المفوضية، يمكن للوصم أن يقوض التماسك الاجتماعي ويحث على عزل اجتماعي محتمل للمجموعات ، الأمر الذي قد يساهم في موقف يكون فيه الفايروس أكثر، وليس أقل، من المحتمل أن ينتشر، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى مشاكل صحية أكثر حدة، وصعوبات في السيطرة على تفشي المرض، ودفع الناس لإخفاء المرض لتجنب التمييز، ومنعهم من التماس الرعاية الصحية على الفور، وثنيهم عن تبني سلوكيات صحية.

علم النفس

وللحديث عن شعور مواطنين عراقيين، بالوصمة الاجتماعية، من فايروس كورونا، يقول الدكتور في علم النفس، رحيم الزبيدي،: "إن ثقافتنا بهذا المجال ضعيفة جداً، والإعلام لا يسلط الضوء على هذا الجانب، يفترض أن أي فرد مصاب، يعي أنه ينقل العدوى لعائلته، والمحلة التي يسكنها، ومحيطه بشكل عام".

ويضيف، يجب أن يكون هناك وعي كامل داخل الأسرة، وأن أي شخص يشعر بأعراض الوباء يذهب لإجراء التحاليل اللازمة، وأن يعتبرها مسألة طبيعية جداً لأن المرض ليس انتقاص للشخص، هو فايروس تفشى في كل العالم، وليس من المعيب أن يذهب شخص لإجراء فحوصات، ولا مشكلة بها.

ويرى الزبيدي، أنه من المفترض أن يتم توجيه الإعلام، والدعاية، بهذا الشأن، وبث أن الإنسان عندما يشعر بالأعراض التي أصبحت معروفة لدى الجميع، أن يذهب إلى العيادة، أو أقرب مستشفى، لإجراء الفحص، وأن يعزل نفسه حفاظاً على حياته، ونفسه والمحلة التي يسكنها بشكل عام. 

تكتم

وعن آثار تكتم المصابين بالفايروس، وتسببهم بإرتفاع أعداد الإصابات في العراق، يفيد الزبيدي، بأن أحد أسباب زيادة الإصابات بالوباء، هو التكتم، والناس تعتبره معيباً، ونقصاً، وبالتالي العائلة كلها تصاب، والمحلة وحولها، وقد يكون السبب فعلاً في انتشار الفيروس أكثر مما كان عليه في السابق.

وأكمل الدكتور في علم النفس، مشيرا ً إلى تقرير لوزارة الصحة، صدر مؤخراً، أكدت فيه، أن الإصابات بفايروس كورونا كثيرة، لكن بسبب عدم وجود أجهزة لذلك كانت أعدادها ما بين 10 إلى 20 إصابة يومياً، وبعد دخول الأجهزة صار الفحص أكثر ما كشف عن أعداد أكبر من المصابين.

قسوة وفضيحة

وفي سياق متصل، يؤكد عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان ، علي البياتي، ، أن الوصمة الاجتماعية لا تزال موجودة للأسف.. وفي تزايد، والحكومة بشكل غير مقصود لعلها لعبت دورا في ذلك من خلال نشر تفاصيل المريض (أحيانا حتى الأسماء) .

وأضاف البياتي، كذلك يتم استخدام إجراءات قاسية غير إنسانية للتعامل مع المريض، وذويه، والإعلام المشوش، والأخبار المزيفة أيضاً، ما ساهم بإحداث الوصمة الاجتماعية التي تشكل دوراً أساسياً في عدم الالتزام بالتعليمات، وإهمالها، وبالتالي نشر المرض أكثر.

تصدي للوصمة

وتبين المفوضية في تقريرها، أن الأدلة تظهر بوضوح أن الوصمة الاجتماعية، والخوف من الأمراض المعدية أمران يعيقان الاستجابة، وأن ما ينجح فعلاً هو بناء الثقة في الخدمات، والنصائح الصحية الموثوقة، وإظهار التعاطف مع المتضررين، وفهم المرض نفسه، واعتماد تدابير فعالة وعملية حتى يتمكن الناس من المساعدة في الحفاظ على أنفسهم وأحبائهم في أمان.

وتابعت، أن كيفية التواصل في ظل كوفيد – 19، هو أمر بالغ الأهمية من أجل دعم الأشخاص على اتخاذ إجراءات فعالة للمساعدة في مكافحة المرض وتجنب تأجيج الخوف والوصم، لذا يجب خلق بيئة يمكن من خلالها التباحث حول المرض، وتأثيره، ومعالجته بشكل مفتوح، وصريح، وفعال.

وأوصى تقرير المفوضية الموجه إلى الحكومة الاتحادية، والجهات المعنية الطبية، والأمنية، عند الحديث عن مرض فايروس كورونا، قد يكون لبعض الكلمات (مثل الحالة المشتبه فيها والعزل ...)، واللغة المستخدمة معنى سلبي بالنسبة للناس وتغذي خصائص الوصمة، كما يمكن أن تديم الصور النمطية السلبية أو الافتراضات الموجودة ، أو تقوي الارتباط الزائف بين المرض والعوامل الأخرى، أو تخلق الخوف على نطاق واسع، أو تجرد من يعانون من هذا المرض من إنسانيتهم.

وتابعت، أن ذلك قد يؤدي ذلك إلى إبعاد الأشخاص عن الفحص، والاختبار والحجر الصحي، لذا نوصي باستخدام لغة "الأشخاص أولاً" التي تحترم، وتمكن الأشخاص في جميع قنوات الاتصال، بما في ذلك وسائل الإعلام، فالكلمات المستخدمة في وسائل الإعلام مهمة بشكل خاص، لأنها ستشكل اللغة الشعبية، والتواصل على فايروس كورونا، ويمكن أن تؤثر التقارير السلبية على كيفية إدراك ومعالجة الأشخاص المصابين، وعائلاتهم، والمجتمعات المتأثرة.

وألمحت إلى العديد من الأمثلة الملموسة لكيفية استخدام اللغة الشاملة والمصطلحات الأقل وصمة في السيطرة على الأوبئة، منها فايروس نقص المناعة البشرية، والسل وفايروسH1N1.

وعرفت المفوضية، أن الوصمة الاجتماعية في سياق الصحة، هي الارتباط السلبي بين شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون في خصائص معينة ومرض معين، في حالة تفشي المرض، قد يعني هذا أن يتم تصنيف الأشخاص و / أو التنميط النوعي والتمييز ضدهم و / أو معالجتهم بشكل منفصل و / أو فقدان الحالة بسبب الارتباط المتصور مع المرض، وما يؤثر في هذا العلاج سلباً على المصابين، وكذلك على مقدمي الرعاية، والأسرة والأصدقاء والمجتمعات، وقد يعاني الأشخاص الذين ليس لديهم المرض، ولكنهم يشتركون في خصائص أخرى مع هذه المجموعة أيضاً من الوصمة. .وسجل العراق ارتفاعاً في الإصابات بفايروس كورونا أغلبها في العاصمة بغداد 

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top