عن محاربة العقول الخشبية للمرأة!

آراء وأفكار 2024/04/14 10:32:48 م

عن محاربة العقول الخشبية للمرأة!

عبد الكريم البليخ

هناك البعض من يكمت الغلّ للناس كل الناس، وينظرون للمرأة نظرة دونية، ويتمنون أن يقضون على نصف المجتمع وبأي طريقة كانت، وينزعونها من جذورها بذريعة الدفاع عنها وحمايتها، وإقصائها عن المجتمع.

أمثال هؤلاء، في حقيقة الأمر، من أشدّهم فتكاً وتعاملاً وقسوة وإذلالاً لها، وهؤلاء أنفسهم من أكثرهم بحثاً عن بيوت اللهو والدعارة، ويكشّرون عن أنيابهم في دفاعهم المستميت عن المرأة لمجرد الدفاع عنها!.

الأهم من هذا كله، هو النيل منها وتهميش دورها، وكأنها مجرد سلعة تباع وتشترى، وأمثالهم كثر ما زالوا يعيشون بيننا.

ومن بين هؤلاء من يعيشون اليوم في الدول الأوربية، من أصول عربية سبق أن أتوا إليها هرباً من المعاناة والفقر وتراهم يتعاملون مع أهل بيته وأولاده بعنف غريب. عنف نخجل صراحة من أن نفصح عنه!.

من بين هؤلاء تراهم دائماً يوجّهون بإغلاق أي متنفس في الشقة التي يقيمون فيها، وأي منفذ يفسحُ لأهل بيته وبناته بالوصول إليه، والتمكن من فتحه!.

ولدى سؤالنا عن السبب: خوفاً على هذا الفصيل من أن يُلحق به العار. هذا ما بتنا نراه ونقرأه ونسمع عنه في بلاد تحترم الإنسان وتقدره، فكيف الحال لو أن أمثال هذا "الزبون" المتعفّف ـ كما يظن ـ يعيش في سوريا. ماذا كان يمكن أن يفعل بأهل بيته وأولاده؟ أظن أنه سيحرمهم من فتح باب الشقة والخروج إلى التواليت داخل دار السكن التي يقيمون فيها إلا بعد الحصول على اذن مسبق، ومراقبة دقيقة!.

الغريب أنّ هذا الصنف من الناس ليس لهم أي ثقة لا بأنفسهم ولا بالمرأة، ولا بالآخرين.. ويرمون بكل ذلك إلى الدين. وهو منهم براء.

أمثال هذه العقول الخشبية تحتاج إلى ابدال رؤوسهم وقلوبهم لتتماشى مع الواقع الذي نعيشه، وعليهم أن يزيلوا كل هذه الوساوس من عقولهم، وأن يخفّفوا من تعاملهم مع أسرهم بهذه الصور التي نراها اليوم، ناهيك بالإقلاع عن كثير من الأفكار التي تضعف الشخصية وترمي بها بعيداً عن المفهوم العام للحياة والعيش فيها بعيداً عن التردد والخوف!.

تظل الحياة فيها الكثير من البساطة في حال تعاملنا باحترام وود وبثقة مع المرأة التي تظل لها مكانتها ودورها في المجتمع. الرقابة الصارمة تخلق لديها الخوف، والاهانة لشخصها.. وإن فسح بصيص من الحرية لها، والتعامل معها بكل لطف ما يجعلها أكثر التزاماً مع المحيط الذي تعيش فيه.. وتعرف بالتالي كيف تدافع عن نفسها بعيداً عن الخوف الذي يحبط عزيمتها وقدراتها على حل مشكلاتها بنفسها.

ويظل الكثيرُ من ضعافِ النفوسِ لا يثقون بالمرأة بالمطلق، بل يحاولون فرملة عزيمتها وتهميشها في المجتمع، في الوقت الذي نعرف فيه أنَّ المرأة كائن مهم وعلينا المحافظة عليه ومنحه الثقة حتى تستمر الحياة بصورةٍ أفضل بدلاً من لعنها وإقصائها بعيداً عن أيّ خريطة كانت. وهذا ما يعني لفظها من المشاركة، وحصر دورها بالإبقاء عليها حبيسة جدران المنزل بذريعة الخوف عليها من الوقوع في بئر الرذيلة الذي يطوّق عنقها، في الوقت الذي يحاول فيه المغالون ـ مدعو التشدّد ـ رسم حدودها وعدم تحفيزها في أخذ دورها، بل العمل جاهدين على نهش لحمها، ومن أبناء جلدتها أنفسهم!!؟

لنتدارك الموقف، ولنكتمل بالمعرفة، والبحث في أشياء تهمنا، بدلاً من العيش في حياة قوامها مطاردة المرأة والضغط عليها، وبدون مبرر ولأتفه الأسباب، وهذا هو الجهل الذي لم نعد نتعلم في ظله سوى هوامش من الحياة، في الوقت الذي من الضرورة بمكان أن نتعلم ما يمكن أن نتجاوزه، وعلى ألا نقع في المحظور.

افسحوا للمرأة حريتها، لتكن أكثر ثقة بنفسها. فهي تشكل المجتمع كله، وبحضورها تزدهر الحياة وتكتمل.

الصورة الحقيقية لا شك أنها تكتمل بصدق وتفانٍ في حال منحت المرأة الثقة بنفسها من قبل زوجها أو أخاها أو ابنها، بعيداً عن مراقبتها، وانتقاد الأشياء التافهة التي لا تفوتها ولا تدركها أو تعني شيء بالنسبة لها، ويصرّ العدائيّون لها محاسبتها على كل صغيرة وكبيرة تقوم بها وبدون قصد منها، وهذا ما يعني على وجه الخصوص أصحاب العقول الخشبية الذين وحدهم من يسيء الظن بالمرأة وبسمعتها.

علينا أن نتعلم من مفاهيم الحياة ودروسها. فالوقت يمضي بنا بعيداً، وما نشاهده أو نقرأ ونسمع عنه صور باهتة يُراد منها الاساءة للمرأة. فبدلاً من العمل على تقديرها واحترامها وتشجيعها وتحفيزها، يحاولون الانتقاص من مكانتها وتقزيمها والاساءة لها، لا سيما أنها تتحمّل جزءاً كبيراً من مسؤوليات البيت وأعبائه فضلاً عن تربية الأبناء وملازمتهم في كثير من الأشياء، وبدون الأم وإغفال دورها يعني أن الأسرة تفقد جانباً مهمّاً من مكانتها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top