ديلي ستار: العراق يبتعد عن الغرب وأميركا.. وإيران تحكم دائرة نفوذها حوله

ديلي ستار: العراق يبتعد عن الغرب وأميركا.. وإيران تحكم دائرة نفوذها حوله

كان الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003  يهدف الى تكريس الديمقراطية في قلب الشرق الاوسط، لكن بدلا من ذلك فقد أطلق العنان للعنف الطائفي والنزاعات السياسية التي لا تنتهي. بعد ان بدأت الحرب قبل عقد من الزمن بهدف القضاء على اسلحة  الدمار الشامل -التي لم يتم العثور عليها- فقد تحول تركيز الحرب الحاسمة بسرعة الى ترسيخ العراق كبلد حليف للغرب في منطقة غير مستقرة.
الا ان تنحية صدام اعطت الفرصة لجارة العراق غير العربية، ايران ، لتوسيع نفوذها في البلاد بدوافع غامضة حسب قول الدبلوماسيين الغربيين.
منذ رحيل القوات الاميركية نهاية عام 2011، حاولت واشنطن بسط نفوذها على بغداد. اذ يقول كريسبن هاوز مدير مستشارية المجموعة الاوربية الاسيوية للشرق الاوسط و شمال إفريقيا "كانت هناك مزاعم خرافية – اسلحة الدمار الشامل ، العلاقة مع تنظيم القاعدة ، والمخاطر على أمن الولايات المتحدة. اما اليوم فان هذه الامور تبعث على الضحك".
كما كان هناك زعم  مهم وهو ان العراق سيكون ليس فقط حليفا للولايات المتحدة، بل ان الانتعاش السريع للاقتصاد العراقي سيوفر محركا للنمو ليس فقط للعراق وانما لبقية دول المنطقة ايضا، ويكون نموذجا للمنطقة كلها. هذه الامور تبدو اليوم فظيعة وتبعث على السخرية".
ورغم ان الحرب كانت قصيرة نسبيا – حيث بدأت في 19 آذار 2003، وسقطت بغداد في 9 نيسان، ثم اعلن الرئيس الاميركي حينها جورج ووكر بوش اعلانه سيئ السمعة بان المهمة قد انتهت في 1 أيار – فان نتائجها كانت عنيفة ودموية. حيث بدأ المتمردون بتنفيذ تفجيرات متكررة واعمال مسلحة، ودخل العراق في اقتتال طائفي دموي أودى بحياة الآلاف من العراقيين  بعد الهجوم على أحد الاضرحة في مدينة سامراء يوم 22 شباط 2006.
واشتبكت قوات التحالف –الأميركية في معظمها– بشكل منتظم مع المتمردين من السنة والشيعة في كل انحاء البلاد من معاقل السنة في الفلوجة والموصل الى المدن الشيعية في النجف والبصرة.
منذ الاجتياح، قتل في تلك المجزرة ما لا يقل عن 110 آلاف من المدنيين العراقيين وعدة الاف من افراد الجيش والشرطة بالاضافة الى 4800 من القوات الاجنبية – معظمهم من الاميركان.  
تم فرض نوع من السيطرة على العنف  -الذي يبقى مرتفعا حسب المعايير الدولية- منذ عام 2008 فصاعدا بسبب "ادامة زخم" القوات الاميركية التي تزامنت مع قرار المسلحين من العشائر  السنية بالوقوف الى جانب القوات الاميركية. الا ان المصالحة السياسية، التي كانت الهدف الستراتيجي لإدامة الزخم، لم تتحقق بالكامل أبداً.
من النزاعات حول المناطق في الشمال إلى التساؤلات حول توزيع حصص عائدات البلاد الهائلة من الطاقة، يبقى عدد من المشاكل الكبيرة بلا حلول، في حين لا يزال العراقيون يتصارعون مع المعاناة اليومية التي تمتد من  نقص  الخدمات الأساسية إلى المستويات العالية للبطالة.  رغم ان الصراع الطائفي العنيف قد صار من الماضي، فان الطائفة السنية ومنذ شهور تخرج باحتجاجات ضد استهداف أبنائها من قبل السلطات الشيعية في غالبيتها. في نفس الوقت، يتهم الشركاء السابقون في الحكومة  رئيس الوزراء نوري المالكي بتعزيز سلطته على الدوائر وقوات الأمن ، كما ان هناك القليل من التشريعات المهمة  التي تم تمريرها خلال السنوات الأخيرة. اصطدم هذان العاملان مع إعلان وزير المالية رافع العيساوي – الزعيم السني البارز وعضو القائمة العراقية– استقالته في احدى ساحات الاحتجاج، بينما تدخل التظاهرات شهرها الثالث. القوانين الرئيسية التي تنظم قطاع الطاقة المربح، والتي تمول الاحزاب السياسية، وقانون العفو المقترح وغيرها من القوانين مازالت معطلة منذ اشهر او سنين في بعض الحالات.
بين كل ذلك، هناك نقطة مشرقة وهي ازدهار قطاع النفط في البلاد، والتي عززت خزينة الحكومة ومن المتوقع ان تتوسع اكثر. تقدر وكالة الطاقة الدولية ان يكون العراق اكبر مساهم في زيادة الانتاج النفطي على مدى العقود القادمة. وقد اعلنت السلطات العراقية عن خطط طموحة لاستخدام الاموال في مشاريع متنوعة – مثل مشروع اسكان ضخم في ضواحي بغداد ، وإنشاء مطار جديد قرب النجف، وملعب دولي لكرة القدم في مدينة البصرة جنوب البلاد.
الا ان  الايرادات المتصاعدة - التي دفعت ميزانية العراق لتكون اكبر من ميزانية مصر التي يبلغ سكانها ضعفي سكان العراق- لم تسفر عن شيء، والسبب في ذلك كما يقول المحللون هو عدم كفاءة الدوائر الحكومية و تفشي الفساد في العراق.
عن : ديلي ستار

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top